الأحد، 4 أكتوبر 2015

شرح: الحلقة السادسة من حلقات الإبداع

حلقة الإبداع السادسة
الوحدة الثالثة: عالم الغيب
مفهوم عالم الغيب: هو كل ما غاب عن حواس الإنسان أو علمه، واهتدى إليه بعقله أو بالوحي.
أمثلة على عالم الغيب:
1-   الذات الإلهية:"  لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ  ".
2-   الروح:" وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا  ".
3-   القضاء والقدر: لا يعلمه الإنسان حتى يقع.
4-   الحقائق الغيبية التي ذكرها القرآن الكريم:
أ‌)       عوالم بعيدة عن الحواس: الملائكة،والجن،والشياطين.
ب‌) أحوال اليوم الآخر: البعث، والحشر، والحساب، والجنة، والنار.
ملحوظة: ما غاب عن بعض المخلوقين دون بعضهم لا يعتبر من الغيب كالاكتشافات العلمية والتاريخ الماضي. قال تعالى: " تِلْكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ ۖ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَٰذَا  ".
5-   علم الساعة: وموعد الموت، " إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ  ".
ملحوظة: أثبت العلم الحديث القدرة على معرفة نوع الجنين ولكن ذلك بعد اكتمال خلقه كما أنهم يخطئون كثيرا، والعلم المقصود في الآية يقصد به مصيره في الدنيا والآخرة، وعمره. وبالنسبة للغيث فالتوقع يكون بناء على معطيات علمية قد تصيب أو تخطئ، وكم توقع الناس نزول المطر من سحابة تجمعت ولكنها صارت جهاما لا ماء فيها.
حكم الإيمان بعالم الغيب: واجب، "الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ   " .
ملحوظة: لم يصل للغيب نبي مرسل ولا ملك مقرب ولاجني.
أثر الإيمان بالغيب في حياة المسلم: الطمأنينة وراحة الضمير:"  الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ "،اتساع الأفق بإدراك وجود عالم غيبي وراء هذا العالم المحسوس، يجعل لحياة المؤمن معنى وغاية، يثبت دعائم النظام فالمؤمن لا يحتاج إلى شرطي يحرسه ويتربى على الرقابة الذاتية،يصون العقل من التشتت والجنون ويصرفه إلى ما ينفعه في دنياه.
الدرس الثاني: الحياة البرزخية
الموت بيد الله عز وجل: جعل الله الموت والحياة ابتلاء للإنسان:" الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ  "، والمسلم يدرك أن الدنيا طريق للآخرة، فيستغل حياته في طاعة الله عز وجل:"   فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ "، وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم بمنكبي فقال:" كن في الدنياكأنك غريب أو عابر سبيل "، وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنظر الصباح إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك.
مفهوم حياة البرزخ: البرزخ لغة الحاجز، واصطلاحا: الحياة التي ينتقل إليها الإنسان بعد قبض روحه، ويحيا فيها منعما أو معذبا حتى وقت البعث والنشور، وقد تكون في القبر أو في غيره. يوبج الإيمان بهذه الحياة التي لا نعلم عنها إلا من خلال ما ورد في القرآن أو السنة، قال تعالى:"  ( 99 )   حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ
( 100 )   لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ"، وقال صلى الله عليه وسلم:" إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، فيقال له: هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة ".
نعيم القبر وعذابه: عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" المسلم إذا سئل في قبره يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم فذلك قوله تعالى:" يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ  " ". فالمؤمن يجيب على سؤال الملكين بما يعرفه، والكافر يجيبهما: لا أدري. وأبدان الموتى مهما حصل لها لا تعفى من عذاب أو نعيم القبر، قال تعالى:"  45 )   فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ۖ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ
( 46 )   النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ
 ". وقد بلغت أحاديث عذاب ونعيم القبر مبلغ التواتر المعنوي، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين، فقال:" يعذبان، وما يعذبان في كبيرة، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بين الناس بالنميمة "، ونحن لا ندرك كيفية النعيم أو العذاب بمقاييسنا المادية.
ما ينتفع به المسلم بعد موته:
1-   عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ".
2-   الدعاء والاستغفار للموتى:" وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ  ".

3-   الحج: فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي نذرت أن تحج، فماتت قبل أن تحج، أفأحج عنها؟ قال:" نعم، حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته". قالت: نعم، فقال:" فاقضوا الله الذي له، فإن الله أحق بالوفاء ".